الثلاثاء، 24 يوليو 2018

حلم

         بقلم : مارسيل  
          


لم تعد الأيام التي أمضيها أيام سعدة ؛ فقد أصبحت في نظري مجرد أيام ؛ يوم يليه اليوم الآخر ؛ حيث آن الأشهر والسنين كانت تمضي ببطء شديد ؛ تغيرت حياتي بالكامل ؛ ما هذا الجنون الذي أصابني ؛ وهذه الكأبة المريرة ؛ لقد مضى على ذاك الحلم سنة ونصف ؛ وأنا ما زلت أعيش في تلك الأوهام؛ وطيف محبوبي الذي يأتي إلى زيارتي كل ليلة ................ 
في ذالك اليوم كنت وحدي في المنزل ؛ كانو أهلي يقومون بواجب العزاء ؛ وأختي لا تزال في الجامعة ؛ كانت الساعة الواحدة ظهراً ؛ حيث داهمني النعاس خلستاً ؛ ولكن هذه الساعات الثلاث التي خلدت بها الى النوم غيرت حياتي ؛ عندما أغمضت عيناي كانت وجهتي للسفر هيه لندن ؛ تلك المدينة الخلابة فكان كل ما فيها يبهرني ؛ كنت أسير في شوارع المدينة ؛ أشاهد مدى جمالها ؛ ولكن قدماي كانت تسير بي الى مكان غريب ؛ اخذتني الى حفل زفاف كبير ؛ كل من في ذالك المكان أناس من الطبقة المخملية ؛ حيث كانت النساء تستعرض قوامها الرشيق وملابسها؛ وكان الرجال يتفاخرون بأموالهم وممتلكاتهم ؛ وكانت العروس فائقة الجمال ؛ تعلو المنصة لكي تتمّ مراسم الزفاف ؛ ولكن حفل الزفاف ينقصه شيئاً هام ؛ ينقصه العريس .
وبينما انا جالس بين الحضور ؛ دخل ذالك الفارس الغريب ؛ كان شاباً في ٢٧ من العمر ؛ لقد كان طويل القامة ؛ عيناه واسعة بنية الون ؛ ذو شعر اسود و لحية مهذبة ؛ ولكن كان شديد التوتر والقلق ؛ كانت أعين الناس عليه ؛ وعند وصوله إلى المنصة ؛ خاطب الناس قائلا ؛ انا لا استطيع الزواج من هذه المرأة أو حتى آيا أمرأه آخرى ؛ عم الهدوء حينها أرجاء القاعة ؛ وكان الجميع مذهول ؛ قال والد العريس كيف هذا ؛ لماذا لا تريد الزواج ؛ هل انت تهذي أيها الشاب ؛ رد قائلا ؛ لا لست أهذي ؛ وانت تعلم هذا وتعلم السبب ولهذا انا لا اريد الزواج ؛ وتابع سيره خارج قاعة الاحتفال ؛ ولم يأبه لناس او لأهله او حتى تلك الفتاة المسكينة التي خدعها ؛ فخرجت مسرعاً أقوم بالحاق به ؛ أريد ان اعرف لما فعل هذا ؛ أمسكته من ذراعه وصرخت فيه قائلا ؛ ما هذا التصرف الصبياني ألا تخجل من فعلك هذا ؛ لماذا فعلت هكذا ؛ وما هذا السبب الذي يجعلك متكبرا ترفض الزواج من تلك الفتاة المسكينة وتضعها في موقف محرج ومحزن .
ارتسمت حينها ابتسامه صغيرة على وجهه ؛ وقال : ما كل تلك العصبية ؛ لقد فعلت ذالك من أجلك ؛ هل نسيت الذي عشناه سويا ؛ وكيف كانت تلك الفتاة سببا في تعاستنا ؛ انا أصابني الذهول حينها وقلت له انت شاب مجنون ؛ 
..... نعم انا مجنون وأحبك
لقد أثار غضبي كلامه هذا ؛ ما كل هذا الهراء وعن ماذا تتكلم ؛ أمسك بيدي وبداء بالسير ؛ ويقول ماذا جرا لك لابد انك تهذي ؛ هيا نعد إلى منزلنا والى سريرنا الدافئ

انا لم اكن أعلم ماذا يجري ؛ ولماذا سرت معه ولم أنطق بأيت كلمة حتى وصلنا الى المنزل ؛ عند وصولي
لقد شاهدت تلك الصور المعلقة على الحائط ؛ كانت صوري في جميع أرجاء المنزل وكان هوا معي بتلك الصور ؛ وكان تاريخ كل صورة موجود في الأسفل ؛ وبدأت ذاكرتي بالعودة ؛ كنت أسير في ارجاء المنزل استرجع تلك الذكريات السعيدة ؛ واقول في داخلي نعم انا اتذكر هذه الصورة ؛ لقد كانت في اول لقاء لنا في حفل ميلاد صديقي ؛ وأتذكر كيف كان ينظر ألي بأعجاب ؛ والصورة الثانية كانت داخل كشك الهاتف الأحمر وقد كان أول موعد لنا فيه ؛ حيث بدأت تتساقط الأمطار حينها بغزارة شديدة ودخلنا نختبئ فيه ؛ كنت حينها أشعر بالبرد الشديد ؛ فأخذني الى حضنه الدافئ .
وانا اسير واتجول بين الصور وأتذكر كل شيئ ؛ هنا تشاجرنا ؛ وهنا كانت قبلتنا الأولى؛ وهنا و هنا ... 

استرجع جميع الذكريات واللحظات ؛ لم أعد أستطيع تصديق هذا كله ؛ اشعر بالضياع انا اتذكر كل تلك المواقف وقلبي ينبض له ؛ ولكن هناك شيئ يخبرني لا هذا ليس حقيقة ؛ إنها خدعة .

وبينما كنت أتجول؛ سمعته يناديني ويقول لي سوف أعد لك قهوتك ؛ انت تحب شربها في هذا الوقت ؛ لن أتأخر عليك .
وعند قدومه سألته ؛ لا أعلم ماذا يجري لي يا
 ( مارك) انا لا أعلم ماذا يحدث ؛ ولست مقتنع بشيء ؛ ولكن كل ما أعلم به الآن هوا أني فعلا احبك ؛ 
رد مبتسماً ؛ وانا ايضا أحبك ؛ ولكن انت في بعض الأوقات تصاب بالجنون ؛ ولا اعلم ماذا يجري لك ؛ وقال ضاحكاً أني أفكر في اصطحابك الى دكتور لمعالجتك ؛ وساد الهدوء بيننا ؛ حتى قال ما رأيك بالذهاب في نزهة صغيرة للترفيه عن نفسك ؛ ولا أريد آي اعتراض ؛ هيا لنذهب .

اصطحبني الى أعلى مكان في لندن حيث كنا نشاهد المدينة من فوق ؛ كنت بين أحضانه ؛ يعانقني من الخلف ؛ واضعا رأسه على كتفي ويخبرني كم هوا يحبني ولا يستطيع أبعاد عينيه عني او تخيل العيش بدوني ؛ لقد كان يحبني كثيرا ؛ في كل يوم يأخذني الى مكان أجمل ؛ وفي كل ليلة يحضنني بين ذراعيه ؛ وفي كل صباح يقبلني بلا ملل .

ولكن كانت هناك الكثير من الاسئلة التي كانت تجول في بالي ؛ من تلك الفتاة التي لم يقبل الزواج بها ؛ ولماذا أقام حفل الزفاف اذا كان يحبني ولا يريد الزواج منها ؛ وعندما سألته قال لي 

لم اكن أريد الزواج ؛ ولكن أجبرت على هذا ؛ أبي كان رجل صارم ؛ يحترم المثليية الجنسية ؛ ولكن لا يحترم مثليتي وكان دائما يحاول قمعها ؛ وقد ورطني بذالك الزواج ؛ وقد وافقت على ذالك ؛ ليس بسبب رغبة أبي ؛ بل حتى أخبر الناس اني مثليي الجنس واني واقع في حبك ؛ ولا استطيع الزواج الا منك انت ؛ 

عندها سألته : الا تخاف من الدك ومن أن يعاقبك 

رد مبتسماً بصوت دافئ : لطالما كنت أخاف من أبي ولكن الان الوضع مختلف لأني اعرف انا ما فعلته أمر صائب و ان حبي الكبير لك هوا الذي دفعني للقيام بذالك ؛ أنا أحبك جدا ؛ واعلم انك تحبني كما احبك ولكن أرجوك لا تثبت لي عكس ذالك ؛ انا لا استطيع تخيل حياتي من دونك .

جميع اللحظات التي عشتها معه تثبت حبه لي ؛ سهرنا ليالي كثيرة معاً ؛ شاهدنا افلاماً كثير ؛ على تلك الأريكة الحمراء ؛ مرضنا معاً وشفينا معاً ؛ اختلطت أنفاسنا مع بعض ؛ جامعنا الحب على سريرنا ؛ وأعيننا لم ترا سووا السعادة ؛ شفتانا كانت تتلاحم في كل ثانية ؛ واحضننا تشتاق كلما تباعدنا ؛ لم يكن لدينا اصدقاء لأننا كنا نمضي وقتنا في سجن حبنا ؛ فوراء نوافذنا وجدران منزلنا كان الحب يرتسم بكل تفاصيله ؛ ما اجمل هذا الشعور ؛ كم انا محظوظ بك. 

لم أكن أريد البعد عنه لحظة واحدة ؛ كنت أريد العيش معه كل حياتي ولكن سرعان ما استيقظت على جرس المنزل وانتهى كل شيئ ؛ كل تلك اللحظات ذهبت ؛ كانت مجرد لحظات سريعة ؛ كانت تلك اللحظات ثلاث ساعات ؛ ومن ثم مات كل شيئ ....... 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق