وشوشات وسادة
(الجزء الأول _ 1)
كنت اجر خطواتي المثقلة وأنا اتجه إلى جامعتي، كان يومي الاولأحسست باني ادخل سجنا أو ربما جزيرة منفية في آخر العالم، ليس كرها في التعليم أو بغضا للدراسة، ولكنني لم أرد الانتقال للعيش في مدينة أخرى والابتعاد عن أهلي وأصدقائي والحي الذي أتنفس هواءه كل صباح
هذا أنا، إنسان إذا ما تعلق قلبه بشيء أحبه بجنون ولا أقوى على فراقه
افتقد ذلك المقعد الذي اعتدت الجلوس عليه وحدي اقلب أفكاري كما اقلب صفحات كتاب وتغمرني أسئلة كثيرة تشغل فكري إلى أن أعود إلى منزلي واضعا رأسي على وسادتي فأسمعها تكرر علي أسئلتي من جديد فتسرق النوم من عيوني كما يسرق الم الفراق الآن بهجة أول يوم في الجامعة
دخلت جامعتي وكأني غريب عن هذا العالم. يا لتلك الضجة والصخب! أنهم يتحركون بنشاط البعض تجمع، يبدو أنهم يعرفون بعضهم من قبل وآخرون يتعارفون والبعض ينزوي وحيدا يبدو مثلي كأنه من كوكب آخر. ولكن الابتسامات طغت على علامات الدهشة أو القلق والحزن
لا اعرف احد هنا ولكنني كنت ابتسم سعيدا كلما رأيت اثنين أو أكثر يلقيان بعضهم بالأحضان والسلام الحار وربما حسدتهم
انظر إلى هذه الفتاة الجميلة ! يا لها من فتاة مثيرة. إنها تمتلك تضاريس واضحة ومثيرة جدا.
هذه بعض من تعليقات سمعتها ولكني تساءلت لما هذا الاهتمام الكبير بالفتيات ولما لا اهتم أنا بتلك الأشياء لم يكن هذا السؤال غريب علي ولم يخطر ببالي لأول مرة بل تردد في خاطري عشرات المرات إن لم يكن بالمئات
وربما ما لفتني أنا بالذات بعض الشبان الوسيمين المفعمين بالرجولة والجاذبية
لم اعرف لا الآن ولا من قبل سببا واضحا لذلك إلا أني أحب أن أرى أبناء جنسي الجذابين
مر يومي الاول ككل يوم، مر بي مليء بالتساؤلات، ربما كانت الإجابات واضحة ولكني تغافلتها لأنني ارفض حقيقتها وأقنعت نفسي طيلة هذه السنوات بان الأمور عادية تماما
بعد مرور اشهر على بداية عامي الاول في الجامعة وكنت حينها بعمر التاسعة عشر
أصبح لدي أصدقاء كثر من كلا الجنسين تربطني بهم علاقات قوية حتى بدأت أنسى معهم تلك الأشياء التي حزنت على فراقها في حيي البعيد
كما قلت من قبل فانا إذا ما تعلقت بشيء أو شخص ما أحببته من صميمي
أصدقائي جميعهم طيبون ودودون مرحون إنهم رائعون ولكن وان تعدد الأصدقاء لا بد أن يكون فيهم مميزون يحتلون المرتبة الأولى في قلبك
انه أفضل صديق لدي شاب وسيم مرح طيب جدا انه (رضا ) بعمري لم تربطني به إلا الصداقة القوية ولم أكن له إلا مشاعر الاحترام والمعزة الكبرى.
ومع مرور الوقت كانت علاقتنا تزداد قوة ولان رضا من سكان المدينة التي أقيم فيها حاليا وأنا مغترب قرر أن يدعوني إلى منزله لتناول الغداء مع أسرته والتعرف إليهم
كنت سعيدا جدا بدعوته وأحببت كثيرا التعرف على أفراد أسرته الذين تخيلتهم كرضا طيبة وروحا نقية
لم أشأ الذهاب فارغ اليدين فهذه أول زيارة لهم وكان الخجل يملأني
كانت باقة ورد جميلة جدا اخترتها بعناية ورود بيضاء وبنفسجية تعبر عن صفاء قلبي ومحبتي لهم حتى وان لم أرهم من قبل
كان رضا بانتظاري في موقف السيارات وسرنا سويا إلى منزلهم ذلك المنزل الجميل والهادئ
لا ادري ما حقيقة الشعور الذي تملكني عندما رايته
أحسست بان في ذلك المنزل طاقة أشعلت في حزنا كبيرا اختلط مع سعادة. لا ادري لما أحسست أن مشاعري ارتسمت على وجهي وخفت أن يراها رضا ويبدأ بالسؤال
كلما اقتربنا من باب المنزل كان قلبي يخفق بسرعة كبيرة يا الهي ما هذا الشعور الغريب الذي يتملكني
دخلنا واستقبلني والداه أنهما طيبان حقا، يستقبلاني لأول مرة وكأني فرد من العائلة وبدأت بالتعرف على أفراد العائلة الأب والأم و(رجا) شقيق في الخامسة عشر
إنهم أسرة جميلة وهم جميعا وسيمون كرضا
كنت جالسا على الأريكة في الصالة عندما رأيته أمامي لأول مرة ولا ادري لما أحسست بقلبي يكاد يخرج من صدري من شدة الخفقان وأحسست بجفاف حلقي وربما بدأت أطرافي بالارتعاش
انه أجمل شاب رأيته حتى الآن انه أكثر وسامة من رضا وأكثر جاذبية طويل القامة عريض الكتفين ولديه جسد رائع ووجه فاتن
اقترب مني وعيونه تحدق بي بطريقة غريبة ومد يده مُرحبا بي (أنا رامي شقيق رضا) وما أن لمست كفي كفه حتى شعرت بقلبي كاد يتوقف
يا الهي لما هذا الشعور الغريب يتحرك في أعماقي انه أشبه بالشعور بالزلزال. كاد قلبي يقفز فرحا لرؤيته ولكني اشعر بالخوف أيضا لا ادري كيف اصف هذا الشعور انه أشبه بالمطر قد يكون رائعا وينتهي بكارثة
لا ادري كيف مر اليوم وكيف استطعت التواصل معهم وأنا عقلي وقلبي مشغولان بذلك الفاتن الذي لم يزح عيناه عني طيلة الوقت وربما ما خفف من شعوري المضطرب تلك الابتسامة التي لم تفارق وجهه وكلما نظرت إليه كانت عيناه تخاطبني بلغة أخرى
عدت إلى سكني وأنا أفكر به ولا شيء غيره وفي تلك الليلة همست وسادتي في أذني تسألني
ما الذي حدث وما هذه المشاعر المضطربة داخلي ولما كلما تذكرته ارتجفت أطرافي
كانت تسألني وكأنها ترغمني على الاعتراف بشيء لم أشأ الاعتراف به طيلة أعوام
ولكنها تلقت مني ذات الجواب المعتاد:
.... لا شيء انه أمر طبيعي انه وسيم جدا ومن الطبيعي أن انبهر به ولكنني كنت اكذب كما كنت دائما
كنت جالسا في استراحة الجامعة بعد بضعة أيام من زيارتي لمنزل رضا رن هاتفي النقال كان رضا المتصل وسألني أين أنت ؟
....أنا في الاستراحة اجلس في تلك الزاوية التي اعتدت الجلوس فيها،
.... لا تتحرك فانا قادم إليك
كنت احمل فنجان قهوتي عندما لمحته برفقة شقيقه ذلك الذي كنت منذ ثوان أتخيل وجهه في فنجاني. ارتجف فنجاني بيدي ونزلت قطرات من القهوة على الطاولة وعلى بنطالي وما أن تناولت منديل ورقي امسح به القهوة المسكوبة حتى سبقتني يده بمنديل آخر وبدأ يمسح القهوة عن بنطالي ولكني شكرته وقلت أنا سأقوم بذلك فمسح هو ما كان على الطاولة
كعادة رضا يحب المزاح
.... ما بك تبدو وكأنك رأيت شبحا ؟ ولا ادري لما رددت بعصبية
.... لا تبدأ بمزاحك الثقيل
..... ولما أنت منزعج هكذا لم اقل شيئا يغضب ؟!
فتداركت نفسي بسرعة وقلت لا عليك اعتذر منك ولكنني متضايق قليلا سامحني
فرد أخوه بصوت أحسست بأنه يتغلغل في أعماقي يبدو أنني جئت في وقت غير مناسب
لا.. لا أبدا لا عليك. جلسنا ثلاثتنا لا احد يتكلم غير رضا أما هو جلس مبتسما يحدق بي ويلتفت أحيانا هنا أو هناك وكأنه يشعر بحاجتي للارتياح من تحديقه بي
أحسست بدرجة حرارة جسمي المرتفعة وحاولت جاهدا إخفاء ارتباكي لأنني كنت أحس بان نبضات قلبي القوية مسموعة بوضوح
تحدث رضا إلا أنني شخصيا لم أكن استمع له أبدا ولا ادري إن كان شقيقه قد استمع له فهو لم يشاركه الحديث إلا في بضع كلمات
نهض رضا بعد دقائق قليلة:
.... سأترككم الآن لدي محاضرة وسأعود بعد ساعة ونصف
لا ادري ما حدث ولكني هممت بالصراخ لا تترك أخاك معي كنت خائفا جدا من وجودي معه بمفردنا
ذهب رضا وكلما خطا مبتعدا أحسست بالمكان يضيق أكثر كما لو أننا حصرنا أنا ورامي في مكان ضيق
مرت لحظات صمت قبل أن يتكلم بصوته العميق:
.... أتعلم بان هذه زيارتي الأولى للجامعة منذ أربعة سنوات لم أزرها منذ تركتها.
.... هل أنهيت دراستك هنا ؟
....لا لم أكمل دراستي تركت الجامعة لأنني بحاجة إلى العمل فانا أريد أن أعيش حياة مستقلة اشعر فيها بقدر من الحرية
.... وهل نجحت في عملك ؟
.... جدا فانا أسير في الطريق الصحيح وسأبدأ عما قريب بالاستقرار في بيت مستقل
.... هذا جيد ولكن لما بعد كل هذه السنوات قررت زيارة الجامعة ؟
.... لا ادري أحببت زيارتها فقررت المجيء أما إذا لم تحب زيارتي فأعدك لن أكررها
.... لا أبدا أهلا بك وقتما تشاء سنكون سعداء بقدومك
كان الحديث بيننا يقلل إلى حد ما من حدة التوتر الذي اشعر به وأحسست بان أطرافي المرتجفة بدأت تسكن رويدا رويدا
كلما تحدث إلي أكثر شعرت بفرح اكبر وبدأت التفت إلى حركات يديه وطريقته بالجلوس إلتفاتاته ونبرة صوته وابتسامته الرائعة لا ادري ماذا يحدث معي
كرهت كل لحظة مر بنا فيها شخص ألقى السلام قاطعا حديثنا وكرهت كل شيء لفته وأدار وجهه عني لأجله وأحببت أن تطول محاضرة رضا لنبقى وحدنا وقتا أطول
في تلك الليلة عادت وسادتي لتهمس في أذني ساخرة مني
.... أتظن انه أمرا عاديا ؟! هيا اعترف
لكني أغمضت عيني بقوة وكأني أوهمها باني نائم علها تكف عن وشوشاتها
لكنني لم استطع منع صورته من الارتسام خلف جفوني وكأنها اقتحمت عيناي عنوة
يا الهي ماذا يحدث لي ولما هذه المشاعر الغريبة المتضاربة في داخلي ولما كلما تذكرت وجهه أو صوته أو نظراته يخفق قلبي هكذا
....اليوم ستتناول الغداء معنا هذه أوامر والدتي
قالها رضا ونحن نتجه إلى محاضرتنا الأولى
وكم تمنيت لو انه لم يخبرني بذلك فلم استطع التركيز طيلة اليوم لم اسمع شيئا في محاضراتي فقط أتذكر صوت شقيقه العميق ونظراته القوية
كم وددت الاعتذار ولكن شيئا في داخلي كان يقول اذهب علك تراه اليوم أو تتحدث إليه
نعم هذه المرة ذهبت وأنا كلي شوق لألقاه واجلس معه
وما أن رايته حتى شعرت بسعادة تغمرني اختلطت بالارتباك ولكني بدأت اعتاد على شعوري الغريب كما لو أني بدأت افهمه بوضوح
بعد تناولنا الغداء جلسنا على الشرفة نشرب القهوة ونتبادل الأحاديث وفجأة اقترح والد رامي شيئا .... لما لا تظل عندنا هذه الليلة؟
وبسرعة تعالت الأصوات تأييدا للفكرة رضا ورامي ورجا كل منهم يصر على بقائي للمبيت عندهم. حاولت الاعتذار ولكنني لم استطع ثنيهم عن الفكرة
فقلت أخاف أن أثقل عليكم أو أضايقكم، فرد والد رامي أبدا نحن أسرتك بالتأكيد والمنزل واسع ولا اعتقد أن رامي يمانع في أن تشاركه غرفته الليلة
رغم أن ما سمعته كان مفاجئا لي وأشعرني بالارتباك أكثر إلا أنني لا اخفي أني شعرت بسعادة كبيرة لأنني سأتشارك معه الغرفة ولكني قلت متسائلا ولما لا أشارك رضا غرفته ؟ فرد أبوه لان رضا ورجا يتشاركان الغرفة أما رامي فبمفرده. ولكن إن أحببت نرسل رجا للمبيت مع رامي وأنت تظل مع رضا، تمنيت لو أنني ابتلعت لساني، ولكنني قبل أن اخسر فرصتي رد رامي بهدوء مشاكس.... إياكم أن ترسلوا رجا إلى غرفتي
بعد قليل سألني ألا ترغب بأخذ قسط من الراحة
فقلت لا مشكلة،
.... يجب أن تستريح قليلا وسأريك غرفتي، الغرفة التي ستنام فيها
توجهت إلى تلك الغرفة وقلبي ينبض بقوة وكأني اتجه إلى بقعة مجهولة في عالم آخر
ما إن دخلت ووقعت عيني على السرير حتى ازداد قلقي وخوفي انه سرير واحد كبير هذا يعني أننا سنتشارك ذات السرير
نعم تشاركنا السرير ذاته تلك الليلة كان يتحدث إلي وهو مستلق إلى جانبي بكل روعته وجماله شعرت برغبة قوية في لمسه وتوسد ذراعه القوية
بدأت تلك الوسادة وشوشاتها المعتادة تسألني ما بك؟ ماذا تريد؟ قل، اعترف هيا لا تخدع نفسك أكثر
أحسست بجسدي يغلي وودت أن اضرب تلك الوسادة اللعينة واصرخ بأعلى صوتي نعم، نعم أحبه اعشقه توقفي الآن عن الوشوشة اصمتي إلى الأبد
لا ادري لما توقف عن الكلام وكأنه سمع صرخاتي الدفينة نظرت إليه لأرى لما صمت فجأة فوجدته ينظر إلي مبتسما كأنه يسألني عما حدثت به نفسي منذ لحظة فسألته ما بك ؟
قال لا اعرف وأطلق تنهيدة قوية ثم قال لدي شيء أقوله ولكنني أتردد في قوله.
.... لا عليك تحدث فانا أسمعك.
.... لا ادري ربما من الأفضل عدم قوله.
ولكني ألححت عليه
صمت قليلا ثم قال ما رأيك بالحب ؟
....لا اعرف ولكنه لا بد جميل .
.... الم تشعر بالحب يوما ؟
..... بالتأكيد كلنا يحب ولكن عن أي حب تتحدث ؟
.... الحب بين شخصين
... قلت لا ادري
.... الم تشعر يوما برغبة قوية لرؤية شخص ما ترتاح لرؤيته أو سماع صوته أو النظر في عيونه وعندما تلقاه ترتجف أطرافك وتشعر بشعور غريب في داخلك لا تستطيع تفسيره وأحيانا تشعر بقلبك يقفز من بين ضلوعك ؟
يا الهي انه يتحدث كما لو انه يعرف ما يحدث معي حتى شككت بأنه يقرأ ما يجول في خاطري انعقد لساني ولم استطع الإجابة
فسألني مرة أخرى الم تشعر بأي شيء من هذا تجاه شخص ما ؟
.... بلى شعرت ولم اعرف كيف قدمت هذا الاعتراف
....حقا ؟ تجاه من ؟
....لا يهم ولكنك تتحدث وكأنك شعرت به أنت أيضا
.... نعم شعرت به ولا زلت اشعر به.
قلت بقلب محطم هذا يعني انك تحب؟
.... هذا ما اشعر به و أظنه الحب.
فقلت منذ متى ؟
.....منذ أسبوعين أو أكثر بقليل
ثم سألني بسرعة هل تعتقد أن هناك خطيئة بالحب ؟
.....لا الحب شعور لا نستطيع التحكم به
فصمت قليلا
فسمعت وسادتي تهمس لا خطيئة بالحب !ّ ولا يمكن التحكم به كما لا تستطيع أن تتحكم أنت بشعورك، أردت أن أسكتها بقبضة من يدي علها تعرف كم الغضب الذي اشعر به انه يحب أيتها الحمقاء انه لا يهتم بي اصمتي إلى الأبد
ولكنه بعد صمته قال حتى ولو كان حبا مستحيلا ؟ لم اعرف كيف أجيبه إن هذا الشخص يتحدث كما لو كان يسمع حديث نفسي
ولما لم اجب قال حسنا فلنلغي الموضوع فهو يشعرني بالألم. أحسست بالحزن لأجله وشعرت بأنه يعاني من هذا الحب المستحيل ولا ادري لما شعرت برغبة قوية لاضمه واخفف عنه
وضعت يدي على رأسه وتغلغلت أصابعي في شعره الناعم الطويل وقلت :
لا تحزن فلا بد من حل لكل مشكلة وإذا أردت يوما أن تتحدث إلى احد ما فانا سأكون موجود بالتأكيد
نظر إلي بعيونه التي ازدادت لمعانا ثم قال لا ادري لما اشعر بأنك تفهمني أكثر من الغير
فقلت في نفسي ربما لان حزنك يشبه حزني وحبك يشبه حبي ودمعت عيناي وحاولت أن اخفي دموعي ولكنني فشلت، قال بحرقة لما هذه الدموع في عينيك؟
.... لا ليست دموع ربما لأنني أطلت السهر .
....أنت تكذب هذه دموع بالتأكيد.
زادني هذا الما فنزلت دموعي هذه المرة على وجنتي
فمسحها بلطف بإصبعه وقال أتعلم إن هذه الدموع غالية جدا ثم اقترب مني ولا ادري كيف تعانقنا عناقا بريئا خاليا من الرغبات انه عناق محبة خالصة كان صدره دافئا مليئا بالحنان وذراعاه القوية تضمني بقوة
أحسست في تلك اللحظة بألم كبير جدا الآن اعترف لك وسادتي بأنني اعشق هذا الشخص عشقا يختلف عن عشقي لأي شيء آخر واعرف كم جميل أن يضمني بين ذراعيه لينبض قلبي على غير عادته الآن اشعر بان الحياة آمنة وأنا لست في غربة أبدا أغمضت عيناي كي لا تفضح أمري وحاولت الاستمتاع بكل لحظة بين يديه ربما لن تتكرر هذه الفرصة مرة ثانية
شعرت بذراعيه ترتخي وعرفت بان عناقنا انتهى، استدار بسرعة حتى لا أرى ملامح وجهه
واستدرت أنا ليصبح كل منا بعيدا عن نظر الآخر
آه يا وسادتي ما بك صامتة هل رضيتي بما حدث أم أن اعترافي صدمك ولم تعودي قادرة على الهمس ؟
لم استطع النوم واستدرت من جديد لأحدق به وهو نائم ولكنني شعرت بأنه لم يغفو فجفناه كانا يرتجفان وبصعوبة كبيرة استطعت النوم وأنا محدقا بحبي المستحيل
مر يومان وأنا لست كما أنا الكل لاحظ والكل يسأل ما بك لما أنت صامت هكذا؟ لما لا تبتسم كعادتك؟ هل هناك مشكلة ما؟ ولكنني دائما أجيب بأنني بخير ربما تتعبني الدراسة قليلا
والحقيقة أن حبي لهذا الشخص بدأ يؤرقني ويشغل فكري طيلة وقتي
انتهت محاضرتي وقررت الذهاب لأجلس في زاويتي المفضلة بعيدا عن الضجة والازدحام و تفاجأت بان زاويتي كانت مشغولة انه يجلس هناك بانتظاري وكأنه يعرف أنني سآتي إلى هنا انه يعرف أنها زاويتي المفضلة
اقتربت منه وكأن الريح تحملني إليه وتلاشت عن وجهي ملامح الحزن فمجرد رؤيته تشعرني بالسعادة
كان مبتسما كعادته وضع أمامه علبة ملفوفة بورق ملون وشبر احمر
....ما هذه المفاجأة الجميلة ؟!
....أحقا تعتبرها مفاجأة جميلة؟
.... طبعا جميلة جدا يبدو انك أحببت زيارة الجامعة
....الحقيقة أنا لا ازور الجامعة أنا ازور من فيها.
آه انه يقصد حبه المستحيل بالتأكيد لا بد أنها زميلة بالجامعة ولم أشأ أن اسأله من هي؟ حتى لا افسد اللحظة ولكن الهدية أمامه أشعرتني بالتوتر ربما عرفت الآن من هي صاحبة الحظ السعيد التي حازت على قلبه
قلت حسنا ربما تنتظر أحدا ما ولا أريد أن أزعجك سأراك لاحقا. تبسم وهو ينظر في عيوني مباشرة وقال أنا انتظرك أنت.
غمرتني سعادة كبيرة ولكنني قتلتها عندما خطر ببالي سؤال هل يمكن أن يكون أراد لقاءي ليعرفني بحبه المستحيل
ثم دفع الهدية بهدوء باتجاهي وقال هذه لك. آه كم ارتحت كانت فرحتي بمعرفة أن الهدية لي تفوق فرحتي بها حتى لم أرد أن اعرف ما هي يكفيني انه قدمها لي
بعد حديث قصير طلب مني أن نلتقي مساءً وألا اعلم رضا لأنه يريد أن نكون بمفردنا
وافقت على الفور وقال بأنه سيمر ليأخذني من مكان سكني
كان ذلك اليوم أطول يوم يمر بي كانت الدقائق تمر كأنها ساعات وكانت أفكاري تكاد تقتلني وتساؤلات دارت في رأسي
ما إن عدت إلى المنزل حتى أسرعت بفتح الهدية انه تمثال زجاجي لملاك الحب يحمل قوسا وسهما حفر عليه كلمة حب بالإنجليزية
ألقيت بنفسي على سريري أتأمل هذه الهدية الرائعة إنها اثمن ما امتلك الآن ولم أفكر بتفسير لمعناها لأنني كنت سعيدا جدا بها فقط لأنها من شخص اعشقه جدا
لكن وسادتي كعادتها بدأت وشوشاتها وكأنها تسخر مني
.... لما هذه السعادة الكبيرة إنها هدية صديق لصديقه؟!
.... اخرسي إنها أكثر من ذلك.
.... لما تظن ذلك ؟
....ألا ترين انه جاء خصيصا ليقدمها لي ويطلب مني لقاءً خاصا ؟
..... حسنا وما الفرق بين هذا اللقاء وأي لقاء آخر بين صديقين
....لا ادري ولكن ألا ترين أن هذه الهدية ترمز لشيء آخر غير الصداقة؟
.... ربما هو لا يحسن اختيار الهدايا ولم يعرف أن هذه الهدية تقدم لحبيب وليس لصديق.
....ربما ولكن لما اشعر بأنه اختارها خصيصا ؟
.... ربما لأنك تريد ذلك فأنت تعشقه وتريد أن تقنع نفسك بأنه يحبك أيضا
....اصمتي أيتها الوسادة اللعينة فأنت دائما تزيدين همومي وتثيرين فيّ أحزانا اتركيني أتخيل ربما لن احصل على شيء في حياتي إلا التخيلات
أوقف سيارته في مكان مرتفع على حافة الجرف كنا ننظر إلى المدينة بأضوائها الساطعة كانت جميلة جدا ولم اعتد على رؤيتها بهذا الجمال فلطالما شعرت بالغربة في هذه المدينة
ولكنها اليوم تبتسم لي واشم فيها رائحة وطن وجدته بعد ضياع طويل
نظر الي ثم قال : ما رأيك بهذا المكان ؟
.... انه رائع .
.... نعم رائع أنا أحب أن آتي إلى هنا دائما اشعر براحة كبيرة هنا حتى أحيانا اكلم هذه الأشجار والصخور عن همومي
.... لما أنت دائما حزين ؟
.... لست حزينا الآن بل أنا سعيد جدا ولكني قد أخسرك بعد قليل
.... لما تقول هذا ؟
.... لأنني اليوم سأخبرك بأمر قد يزعجك وقد لا ترغب في رؤيتي بعد أن تعرفه
.... لا مستحيل لا أظن ذلك أنت تخيفني جدا ما الشيء الذي قد أكرهك لأجله إلى هذا الحد ؟
.... أترى هذه المدينة الكبيرة ؟
.... نعم .
.....اشعر بأنها صغيرة جدا الآن وأكاد اختنق ضيقا بسبب ما سأقوله لك ولكني لا اقدر على كبت ذلك أكثر
....حسنا قل ما تريد قله واعدك بأنني لن انزعج ولن أتركك أبدا
.... أتذكر حديثنا عن الحب ؟
.... نعم اذكره جيدا .
.... وهل عرفت ما اقصده بالحب المستحيل؟
....لا لم افهم بشكل واضح.
.... حسنا هل أعجبتك هديتي ؟
.... نعم إنها جميلة جدا.
.... هل فهمت أنها من شخص أصابه سهم الحب ؟
....لا افهم ما قصدك اخبرني بوضوح أكثر( كنت كاذبا أنا بدأت افهم)
.... ماذا لو أخبرتك بأن أطرافي الآن ترتجف (وامسك يدي لأشعر برجفته) وماذا لو أخبرتك أن قلبي ينبض بقوة واني الآن مع شخص أحب رؤيته دائما هل تفهم قصدي جيدا ؟
لا اعرف لما تصرفت بغباء وقلت لا افهم.
.... حسنا انك تصعب الأمور علي كثيرا لا تجعلني أقولها صراحة أرجوك أن تفهمني جيدا (قالها بألم كبير)
لا ادري كيف نزلت دموعي بسرعة وشعرت بنار تشتعل في جوفي
ثم قلت أنا هو حبك المستحيل؟
... نعم أنت ( قالها دون أن ينظر إلى عيني أمسكت رأسه وأدرته باتجاهي )
.... وهل تظن أن ذلك يزعجني واني قد أتركك لأجل هذا أنت مخطئ أنا احبك أيضا ولا أريد الافتراق عنك
أسرع يمسح دموعي ويقول لما تبكي لا أحب رؤيتك تبكي أبدا.
.... ابكي لأنني اشعر بان حبنا أكثر من مستحيل اشعر بأننا مخلوقان في زمن ليس زماننا وارض ليست أرضنا
ضمني بقوة وقال لا تحزن يكفيني أننا سويا وانك تحبني كما احبك ولا شيء آخر قد يفسد هذا الحب
ساد صمت لوقت قصير لا اسمع فيه إلا صوت نبضات قلبه ورأسي مسند إلى صدره وذراعاه تحيطان بي وكفه تداعب شعري ثم قال: هل شعرت بحبي لك قبل أن أصرح به ؟
....لا ولكنني كنت واثقا من شعوري تجاهك لا ادري كيف اصف لك ما شعرت به عندما رأيتك أول مرة وكيف أشغلت فكري طيلة الوقت بعد ذلك اللقاء
ابتسم وعيناه تحدقان بي بفرح كبير وقال وأنا أيضا أصبحت كالمجنون منذ رأيتك لم اشعر بهذا من قبل ولكنك سحرتني وتمنيت لو التقيتك من قبل
هكذا مر الوقت وكل منا يخبر الآخر عما حدث معه في أول لقاء وكيف كانت مشاعرنا وأخبرته كم كانت تلك الليلة التي تشاركنا فيها السرير صعبة وقاتلة وصرح لي بأنه لم ينم في تلك الليلة وظل ساهرا يراقبني وأنا نائم يتأمل ملامحي ويتألم لأنه ظن بأنني لن اقبل بحبه
عدت إلى سكني في وقت متأخر تغمرني سعادة لم اشعر بمثلها من قبل
وما إن وضعت رأسي على وسادتي حتى بدأت وشوشاتها وكأنها كانت بانتظاري لتنغص علي فرحتي
.... هل حصلت الآن على الحب ؟؟
..... نعم حصلت عليه ولا أريد أن أفكر بشيء آخر قبل النوم
.... لكنك غبي ما هذا الحب وكم سيدوم ألا ترى بأنه فعلا الحب المستحيل ؟
.... لا أريد أن أفكر بشيء قبل النوم أرجوك أن تصمتي.
.... لا لا يمكن أن اصمت يجب أن تسمعني هذا الحب محكوم عليه بالموت إياك أن تخدع نفسك
.... اسمعي أيتها الوسادة اللعينة لا يهمني شيء ولا أريد أن أفكر بشيء أنا سعيد بهذا الحب ولن تنغصي علي سعادتي
أغلقت أذني حتى لا اسمع شيء واستسلمت للنوم
مر على اعترافنا بالحب أسبوعا كان جميلا جدا لم يمر يوما إلا والتقينا فيه في مكاننا الخاص على ذلك الجرف توسدت ذراعه مرات كثيرة وضمني بحب عشرات المرات همس لي بكلمات رائعة
كان حبه فريدا من نوعه جميلا مليء بالعواطف والحنان
.... رامي.. هل تحبني حقا ؟
ضربني بكتفي بقوة.. أتشك بحبي لك؟
.... حسنا لكنك آلمتني جدا
.... آسف حبي لم اقصد ذلك.
..... لكن ألا ترى كم أنت قوي وضربتك مهما كانت خفيفة إلا أنها مؤلمة
.... حسنا لم اقصد أرجوك سامحني
.... حسنا لا عليك قلتها ولكن علامات الغضب لا زالت مرتسمة على وجهي
قبلني في كتفي في مكان الضربة الآن سيزول الألم.
....انك تسخر مني أنا لست طفلا
..... اعرف ذلك ولكنني أحب أن أعاملك كطفل.
.... لا لا أريدك أن تعاملني كطفل
.... حسنا اعرف كيف أزيل غضبك.. اقترب مني بهدوء وقبلني في شفاهي قبلة رائعة أنستني الألم
احمرت وجنتاي خجلا وابتسمت له فقال يبدو أن الأمر قد نجح !!
كانت هذه أول مرة يقبلني فيها ولم ادري كيف زال الألم ليس وحده بل كل ما كان حولي حتى شعرت باني وهو في هذا العالم وحدنا أحببت تلك القبلة وأردت أن أتلذذ بطعم شفتيه مرة أخرى فاقتربت أنا هذه المرة لأقبله قبلة تدوم فترة أطول
بدأ يميل علي حتى القاني على العشب وألقى بجسده الدافيء فوقي وكانت قبلاته تزداد قوة ورغبة حتى شعرت بالخوف فأزحت وجهي وطلبت منه النهوض
نهض بسرعة وجلس ينظر إلى الأفق صامتا وأنا انفض العشب العالق بملابسي
حتى طال صمته فسألته ما بك ؟
.... لا ادري ولكنني تصرفت بطريقة مزعجة أنا آسف جدا
.... لا عليك.
..... أرجوك سامحني لا أريدك أن تفهم ما حدث بطريقة خاطئة أنا احبك هذا كل شيء
..... حسنا لست منزعجا ولا أفهمك بطريقة خاطئة
..... حسنا إذا أردت أن نغادر فلا بأس.
..... من قال أنني أريد المغادرة ؟ اسمع أنا أحببت ما حصل بيننا فلا تجعل الأمر مأساويا هكذا السنا نحب بعضنا ؟
.... بلى
.... إذا لا مشكلة بما حصل وإذا أزعجك طلبي بالتوقف فانا اعتذر
.... لا تعتذر قالها وضمني إليه أنا فقط أخاف أن أتصرف بطريقة تزعجك فتتركني وتذهب أنا لا أريد أن أخسرك أبدا
.... ولا أنا.. وأنا مستعد لفعل أي شيء من أجلك
في تلك الليلة لم تنطق وسادتي بأي حرف وكأنها لا تقوى على نقاشي فحجتي اليوم قوية قبلني وتحققت من مكانتي لديه فما عساها أن تقول
ولكنها استجمعت قواها وبدأت وشوشاتها المعتادة في الصباح الباكر
كنت لا أزال مستلقيا بالسرير وبدأت أتذكر كل ما حدث بالأمس وبدأت اشعر بالقلق عندما همست وسادتي بسؤال ماذا لو أراد ذلك بشدة وأنت منعته ؟
.... لا لم يرده إلى هذه الدرجة فحبه أقوى من غرائزه
.... انك تخدع نفسك أولم ترده أنت أيضا بقوة ؟
.... لا يكفيني ما حدث
..... أنت كاذب لم يمنعك عن ذلك إلا خوفك أما رغبتك فكانت موجودة
.... حسنا ولكن هذا لا يعني انه أراده أيضا
.... لكن الحب لا يكفي ربما كان حبك أقوى من غرائزك ولكن قد تكون غرائزه أقوى من حبه وهو بحاجة لإشباعها
.... هذه هي المرة الأولى التي تكونين فيها على حق
.... لا دائما كنت على حق وأنت من تخدع نفسك دائما. فكر مليا هذه المرة إذا ما منعته منك ربما بحث عما يريده مع غيرك
.... لقد بدأت تشككيني بحبه هل تقصدين بأنه ربما أراد جسدي أكثر من قلبي
.... لا ادري ربما
لم تغادر أفكاري رأسي طيلة اليوم حتى أرهقني التفكير وبدأت اشعر بالضيق والانزعاج
غادرت الجامعة قبل انتهاء الدوام وعدت إلى المنزل أفكر بما حدث وكلما تذكرت تلك اللحظات شعرت برغبة قوية به وتمنيت لو أنني تركته يفعل ما يريد
آه يا وسادتي إن كنت أنا أحبه بجنون وارغب به فلما اشك به ربما هو أيضا يشعر بما اشعر حب كبير واتصال جسدي لن يكون إلا تعبيرا عن الحب الخالص
.... هذا يعني انك ستقبل في المرة القادمة ؟
.... لا بل أنا من سيطلب منه ذلك لا أريده أن يشعر بنقص في علاقتنا ولا أريد مجرد التفكير بأنه قد يفعل ذلك مع شخص آخر غيري فانا أحبه بجنون
صعدت إلى جانبه في سيارته كان سعيدا جدا برؤيتي
وقال خفت ألا تتصل بي اليوم بسبب ما حصل بالأمس
..... أنت مجنون بالتأكيد هل تظن بأنني أستطيع عيش يوم بدون أن أراك
وصلنا مكاننا المعتاد كان جميلا أكثر من العادة واسعا لدرجة انه لا يتسع إلا لاثنين فقط وكانت الشمس توشك على الغروب
لم ننزل من السيارة كان يسند رأسه إلى الخلف وينظر إلى الأمام مباشرة وكنت انظر أنا أيضا أمامي مباشرة والصمت يسود المكان
ثم التفت لأحدثه في الوقت الذي التفت فيه ليحدثني فضحكنا سويا
ووضع يده خلف رأسي وقال اقترب مني.. أسندت رأسي إلى صدره وهو يداعب شعري بأطراف أصابعه ثم قال أتعلم أنني قضيت اليوم كالمجنون أفكر بك
.... وأنا أيضا أفكر بك دائما ولكن هذه المرة كان أكثر من المعتاد
... ولما ذلك ؟
....لأنني أتذكر قبلتك ورفعت نظري للأعلى ولمست شفتاه بإصبعي. هذه الشفاه طعمها لذيذ جدا
.... هاى توقف أنا لا احتمل هذا..
.... هل تريد أن أكون معك ؟ اجبني بصدق
.... لا يهم
..... اجبني بصدق أرجوك
..... حسنا لن اكذب عليك أنا أريد ذلك ولكن إن لم ترد لا يهم
.... حسنا أنا سأكون لك كما تريد فانا أريد أن أمنحك كل ما أستطيع لا أريدك أن تفكر بغيري لأي سبب كان أريد أن تكون علاقتنا كاملة لا ينقصك فيها شيء
.... لا، لا أريدك أن تفعل هذا لأجلي فانا لا اهتم كثيرا ولن اطلب هذا الشيء من غيرك أبدا فانا احبك أنت ولن أكون لغيرك
.... إذا قبلني الآن.. لا ادري كيف ارتشفت خمر تلك الشفاه حتى فقدت السيطرة على نفسي وطلبت منه الانتقال إلى المقعد الخلفي لأنني أريد أن أسلمه نفسي
كانت رغبتي به تدفعني للجنون كانت تلك اللحظات الأروع عندما سلمته جسدي ولم اشعر إلا بحبه القوي ولم تكن مجرد شهوة خالية من المشاعر
كان جسده الثقيل ملقاً فوقي وأنفاسه القوية خلف أذني عندما همس لي هل أنت بخير ؟
.... نعم لا تقلق... نهض من فوقي وجلسنا في المقعد الخلفي كان تعبا وقلقا
.... هل أنت سعيد بما حدث ؟
.... نعم ولكني أفكر باني قد آذيتك بما فعلته
.... لا، لا تفكر هكذا فانا سعيد جدا بما حدث بيننا وسأفعله كلما أردت مني ذلك
.... أريدك أن تعرف شيئا واحدا وهو أنني ارغب بك لأنني احبك ولست احبك لأنني ارغب بك
عدت إلى منزلي سعيدا جدا بما حصل وألقيت بنفسي على سريري وأغمضت عيني لأتخيل تلك اللحظات الرائعة التي التحمت بها أجسادنا لأول مرة
فهمست وسادتي لقد حصل على ما يريد وانتهى الأمر
.... لن استمع لك الليلة ولن أفكر بأنك موجودة فانا سعيد بما حصل بيننا ولا ارغب بإفساد فرحتي
أظنك تهذين هذا ليس كل ما يريده مني بل انه يحبني أكثر من أي شيء آخر وأنا اليوم أحس بأنني امتلكته إلى الأبد
استطعت أن اسكت وسادتي لفترة طويلة قضيتها مع حبي الوحيد
كانت كل لحظة تمر بنا تشعرني بحبه الكبير وأتعلق به أكثر حتى اعتزلت العالم لأجله لم اعد التقي بأصدقائي كالسابق والجميع يسأل عن أسباب غيابي ويعاتبوني على قلة السؤال عنهم
كان لدي رغبة كبيرة بالبوح بالحقيقة وإخبارهم أنني أعيش أجمل الأوقات وأنني أتشاركها مع شخص اعشقه لدرجة الجنون ولكنني لم استطع ذلك
فتحت الباب لأرى من الطارق
.... أهلا رضا كيف أنت وما هذه المفاجأة الجميلة ؟
.... أردت أن اسأل عنك لأنك لا تسأل عنا ولم نعد نراك كما في السابق
.... معك حق ولكنني أؤكد لك أن ذلك بسبب انشغالي ليس أكثر
.... اخبرني بما أنت مشغول إلى هذه الدرجة ؟
....لا شيء غير الدراسة.
.... لكن الدراسة لا تحتاج إلى هذا القدر من التفرغ أنا أحس أن هناك مشكلة هل هناك مشكلة اخبرني أرجوك ربما ساعدتك بالحل
.... لا لا أبدا أنا بخير
..... حسنا ولكنني متضايق جدا لأنني لا أراك مثل السابق حتى انك لا تبقى بالجامعة بعد انتهاء المحاضرات وهذا تصرف مقلق، اخبرني هل أنت تعمل لجني المال
.... لا لا اعمل لما فكرت بهذا؟
..... لقد فكرت ربما تكون بحاجة للمال وبدأت تعمل وهذا ليس عيبا
.... اعرف انه لا عيب في العمل ولكنني لا اعمل
طرق الباب مرة أخرى، فتحت الباب وخفت كثيرا عندما رأيته أمام الباب
.... أهلا رامي كيف حالك؟ تفضل
.... رامي ما الذي جاء بك هنا قالها رضا وكانت علامات الاستغراب تملأ وجهه
.... جئت للزيارة كما جئت أنت
..... لم اعرف انك تأتي إلى هنا من قبل !
.... حسنا لأنها زيارتي الأولى
.... حقا هذه زيارتك الأولى ؟
.... هاااى ما بك تشعرني وكأنني مذنب في قفص الاتهام هل هناك مشكلة في قدومي إلى هنا ؟
كنت أقف معقود اللسان وأحسست وكأن امرنا قد كشف
انتهت الزيارة وغادرا معا وبعد ربع ساعة عاد رامي إلي وكنت قلقا جدا وخائف ولكنه بدأ يطمئني وقال أن رضا لم يشك بشيء بالتأكيد فالأمر طبيعي جدا نحن نعرف بعضنا ولا مشكلة في زيارتي لك
مرت أيام التقينا بعضنا فيها باستمرار أحيانا كان رامي يأخذني من سكني وأحيانا نلتقي في مكان ما وكان كل شيء على ما يرام
اقترب رضا مني وكنت أقف مع بعض الزملاء وطلب أن يحدثني على انفراد
.... اسمع، أنا سأسلك سؤالا وأريد منك إجابة صادقة
.... حسنا ما بك تبدو منزعجا !
.... هل التقيت أخي رامي خلال الأيام الماضية ؟
.... لا لم أره منذ كنتما في منزلي
.... أرجوك أن تراجع نفسك جيدا وتخبرني بالحقيقة
... صدقني أنا أخبرك الحقيقة ولكن لما تسأل هل حدث مع رامي شيء
.... لا لم يحدث شيء معه ولكننا لاحظنا غيابه عن المنزل كثيرا على غير عادته وعندما رأيته ذلك اليوم في منزلك ظننت انه يقضي وقته عندك
.... أرجوك رضا أن تخبرني الحقيقة هل هناك مشكلة مع رامي
.... حسنا سأخبرك منذ فترة طويلة قرر رامي الانفصال عنا والعيش لوحده وحدثت مشاكل في المنزل بسبب ذلك ثم عدل عن فكرته ومنذ فترة وجيزة عاد يلمح للموضوع من جديد وبدأ يغيب عن المنزل كثيرا ونحن لا نريد أن ينفصل عنا هذا كل شيء أرجوك لا تخبر أحدا بذلك
.... حسنا لا تقلق
كنا نجلس في مكاننا المعتاد وأتوسد كتفه ويضمني بحنان كبير
.... رامي هل تريد الانفصال عن اهلك ؟
.... هل أخبرك رضا بذلك؟
.... نعم وسألني إن كنت التقيت بك أو استقبلتك في منزلي وأنا نفيت ذلك..
.... ولما نفيت ذلك لا أظن أن هناك مشكلة لو عرفوا بأننا نلتقي أو أنني أزورك في سكنك
.... حسنا لكنني أخاف أن الفت الانتباه أو أثير الشك في علاقتنا
.... وماذا لو انتقلنا للعيش معا في منزل واحد كيف ستخفي ذلك ؟
.... آه لا تشوقني لذلك فانا أتمنى لو أننا نعيش سويا إلى الأبد ولا يهمني ماذا سيقول الآخرون
.... هل عرفت لما أريد الانفصال عن أهلي أريد أن أكون معك لوحدنا إلى الأبد
لم استطع إخفاء سعادتي فقبلته قبلة كبيرة على خده وضممته بقوة
.... انك رائع
.... حسنا لا تبدأ الآن فأنت تعلم جيدا ماذا يحدث عندما تقبلني..
.... حسنا لن أقبلك إذا
ابتعدت عنه لكنه بدأ يضحك ثم اقترب مني وقال
.... لكنني أريدك أن تقبلني
وقبل أن أرد ألقى بنفسه علي واستلقينا على العشب وبدأ يقبلني بحب وشغف كبيرين
قلت.... دعنا نذهب إلى السكن ونكمل ما بدأناه هناك
.... ألا ترى أن هذا المكان أجمل فهنا كانت مرتنا الأولى..
.... نعم لهذا أنا أحبه كثيرا فهنا اعترفنا لبعضنا بالحب وهنا كانت المرة الأولى التي امتلك فيها كل منا الآخر وهنا شهدنا أجمل اللحظات هذا المكان بالنسبة إلي عالم آخر أحبه كثيرا
كنت ارتب ملابسي وانظر إليه وهو يرتدي كنزته ويغطي جسده الفاتن وصدره الجميل حين قلت .... هل تحب ما افعله معك ؟
.... اعتقد انك تمزح ولما افعله معك إذا ؟
.... اقصد هل ما افعله يرضيك أم انك ترغب بشيء لا تجده عندي ؟
.... هااى لا تبدأ هذا الحديث التافه..
.... ولما أنت غاضب هكذا
.... لأنني اعرف ما تقصده..
.... وماذا اقصد ؟
لا داعي لان أخبرك فأنت تعرف جيدا ما تقصده ولكن عليك أن تعلم شيئا واحدا أنا احبك أنت كما أنت ولو أردت أن أكون مع فتاة لن يكون صعبا علي ولكنني مع الشخص الذي أحب وارغب أنت بالنسبة إلي كل شيء ولا احد غيرك يمكن أن يشعرني بالسعادة
.... وأنا أيضا لا يمكنني أن اشعر بالسعادة إلا معك ولا أستطيع التفكير بأنني قد أخسرك يوما ما
عدني حبيبي بأنك لن تتركني أبدا فانا لا أقوى على فقدانك..
.... أعدك حبي لن أتخلى عنك أبدا وسأفعل المستحيل لأكون معك والى الأبد
.... أتعلم أن إجازتي اقتربت ولا بد أن أعود لزيارة أهلي..
.... اعلم ولكن هل من الضروري ذهابك إليهم ؟
.... نعم فانا مشتاق لهم وأيضا يجب أن أوفر عليهم بالمصاريف فقضاء الإجازة معهم سيوفر الكثير مع أنني لا أقوى على بعدك يوما واحدا فكيف سأغيب شهرين
.... أرجوك لا تذهب وان كانت المشكلة بالمصاريف أنا سأتكفل بها..
.... لا مستحيل أن أكلفك هذا العبء..
.... لا تقل ذلك فانا كلي لك وكل ما املكه لك..
....اعلم حبي ولكنني لا أستطيع
.... حسنا ماذا لو تدبرت لك عملا في الإجازة وهكذا ستقنع اهلك بالبقاء هنا
.... حسنا ولكنني سأذهب لزيارتهم ولو لأسبوع وان تدبرت العمل اتصل بي وأنا سآتي على الفور
في تلك الليلة انتهزت وسادتي الفرصة لتبدأ وشوشاتها من جديد بعد غياب طويل
كانت تعرف جيدا الخوف الذي يملأني بسبب الابتعاد عن حبي فبدأت بدق نواقيس الشك في رأسي
.... اتظنه سينتظرك كل هذه الفترة ؟
.... نعم سينتظرني الم تري انه يفكر بغيابي منذ الآن
.... نعم هو يفكر بغيابك ولكن ماذا لو مل الانتظار وربما فكر جيدا بان كونك من مدينة بعيدة سيكون عائقا دائما أمام استمرار علاقتكما
....لا لن يفكر هكذا...
.... ولكنه يفكر ببعد المسافة منذ الآن الم تر انه يضع الخطط ليبقيك قريب
.... وما العيب في ذلك هذا يدل على انه يحبني كثيرا
.... نعم ولكن ربما لن تنجح خططه وسيأتي اليوم الذي تترك فيه هذه المدينة وتبتعد عنه إلى الأبد...
....أرجوك يا وسادتي أن تكفي فانا لا أقوى على التفكير بهذا الأمر ثم إنني سأفعل أي شيء لأبقى معه إلى الأبد اتركيني الآن
ربما كفت وسادتي عن وشوشاتها لكن دموعي لم تكف لان ما وشوشت به ظل يشغلني طوال الليل
كنت اسند رأسي إلى نافذة الحافلة انظر إلى تلك الشوارع والأبنية أودعها وأنا أرى فيها وجه حبيبي عندما ودعته في محطة الحافلات ولم استطع ضمه أو تقبيله إلا كصديق بسبب المتواجدين هناك وأفكر بما سيحدث وكيف سأقوى على الفراق لأسبوع وربما لشهر أو شهرين
تذكرت ذلك اليوم الذي جئت به إلى هذه المدينة وكانت غريبة موحشة والآن أحس بأنها الوحيدة التي يمكنني العيش فيها
لم يهدأ فكري طيلة الرحلة كنت أغفو أحيانا واحلم بحبيبي وأصحو أحيانا أخرى وأفكر به
وصلت الآن مدينتي لم أتخيل يوما أنني سأعود إلى مدينتي مستاء وحزين بهذا الشكل
مرت ثلاثة أيام كأنها سنوات كنت عائدا من منزل عمي بعد أن قضيت سهرة جميلة مع أبناء عمي لا أنكر أنهم ظرفاء والجلوس معهم ممتع ولكنني لم أكن معهم طيلة وقتي ربما حلقت روحي معظم الوقت فوق تلك المدينة بأنوارها الجميلة وطافت بذلك المكان على حافة الجرف تبحث عن حبيبي ربما جلس هناك وحده يؤرقه غيابي أو ربما شغل مكاني شخص آخر وهذا كان أسوأ ما يمكن أن يخطر ببالي
كنت انظر من حولي وأنا أسير باتجاه البيت لم يتغير شيء في حينا لا زال كما كان عندما تركته
كنت أسير بهدوء وأتنقل بنظري بين الشوارع والجدران المليئة بالذكريات لكنها لم تشدني أبدا وأحسست بالغربة فالشوارع فارغة والجدران باردة حتى السماء تبدو ابعد مما كانت
كنت أهم بعبور الشارع باتجاه منزلنا حين لمحت شيئا غريبا عن حينا لكنه لم يكن غريبا عني انه الشيء الوحيد الذي تمنيت رؤيته وتنفس رائحته لم اصدق عيني ركضت بسرعة البرق واجتزت الشارع دون اكتراث ولم استطع تصديق ما أراه حتى صرخت بأعلى صوتي رامي أنا هنا
التفت إلي انه هو اجل هو ركضت إليه بسرعة وضممته بقوة حتى بدأ يهمس بأذني
.... هااى نحن في الشارع اهدأ..
.... آه حبي كيف جئت إلى هنا وما الذي أتى بك ؟
.... جئت لأنني لم استطع تحمل بعدك أكثر..
.... وكيف عرفت العنوان ؟
.... ألا تعلم أن المحب لا يحتاج لدليل أو عنوان حتى وان كنت في آخر الدنيا كنت سأجدك
.... آه حبي كم أنا سعيد برؤيتك أنت لا تعرف كيف كانت أيامي الثلاثة الماضية
.... هل هذا هو الحي الذي تعيش فيه ؟
... نعم..
.... إذا دعني أحزر أين منزلك امممم لا بد انه ذلك المنزل
...لا...
.... إذا ذلك...
....لا ليس ذلك..
.... حسنا بقي لدي احتمالا واحدا هل هو ذلك المنزل ؟
....لا
....حسنا أين هو إذا ؟
.... انك تقف أمام منزلي أيها الأبله...
.... لا لست أبلها بل أنا احبك بجنون الم اقل لك إن الذي يحب لا حاجة له لدليل أو عنوان ألا ترى كيف أن قلبي أوقفني أمام منزلك
.... حسنا دعنا ندخل أريد أن أضمك بقوة فانا مشتاق لك إلى ابعد الحدود
تعرف إلى عائلتي كان لقاء جميلا الجميع رحبوا به خير ترحيب حتى جاء وقت النوم وكنت انتظر بفارغ الصبر لحظة انفرادنا ببعضنا ضممنا بعضنا بقوة قبلنا بعضنا بشوق كبير
بقلم : سفيان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق