بقلم : مارسيل
في أروقة بغداد وبعد الحرب التي بدأت منذ سنة 2005 ؛ ومازالت أثار الحرب الى الآن ؛ كانت مخاطرة وجرئة كبيرة مني ؛ أن أعود لزيارة وطني مرة آخرى.
كنت متشوق جدا لرؤية شوارع وأحياء بغداد الشعبية ؛ لقد طال الإنتظار في الطائرة متى سنهبط .
كنت أجلس بالقرب من رجل عجوز ؛ كانت تعابير الحزن باديت جدا على وجهه ؛ وكان الطريق طويل جدا ؛ كان لدينا 13 ساعة حتى نصل لبغداد ؛ وانا بادرت بالحديث معه ؛ كان جل حديثنا عن بغداد ؛ وعن الذكريات التي أمضاها قبل ان يسافر
كان يصف تلك المدينة بكل حب وثقه ؛ كانت الأحاديث بيننا طويلة ؛ وكان الوقت يمضي بسرعة جدا ؛ وسألته : أنا لا أرى أحد بصحبتك ؟؟ هل انت مسافر لوحدك ؛ أبتسم وقال لي ؛ أن زيارتي هذه لا تسمح لي بأصطحاب أولادي معي ؛ فأنا جئت لأني شعرت بأشتياقي لحبي الأول؛ وجئت هنا للزيارة .
لا أعرف لماذا جائني الشعور بالسعادة عندما قالَ لي ذالك ؛ كنت أحاول معرفة تلك القصة التي مرت عليها سنوات طويلة ؛ ولا يزال الحب مزروع في قلب ذالك العجوز وينبض للمحبوب ؛
بداء يحدثني عن تلك الأيام القديمة ؛ عندما كان الناس بسطاء ؛ لا يعرفون الهواتف النقالة او برامج الإنترنت ؛ لم يكن التلفاز موجود أيضا ؛ كان الشيء الوحيد الموجود هوا الراديو ؛ لقد كنت أحب الإستماع إلى الراحلة صباح (الشحرورة) كنت أحب فنها جدا وأحب ما تقدمه ؛ لقد جمعنا حب تلك المطربة .
أيامنا في الماضي لم تكن بالرفاهية والحريات الموجودة في هذه الأيام ؛ فقد كان التعبير عن ميولك هية نهاية الحياة بالنسبة أليك ؛ سوف تسجن او تقتل من اهلك لذالك كنا نخفي ميولنا ولا نخبر أحد بها .
كنت أساعد أبي في عمله ؛ امرح مع أصدقائي عند الانتهاء ؛ اتذكر جيدا كيف كانو اصدقائي يتكلمون على الفتياة بشهوة جنسية ؛ وانا لا أستطيع أن أشعر بتلك الرغبة إتجاه الفتياة مثلهم ؛ كنت في كل ليلة أتألم وأسأل نفسي ؛ هل انا الوحيد الذي لا يرغب بالفتياة في هذا العالم .
اتذكر جدا عندما أعلنو عن حفل الفنانة صباح في بغداد ؛ لقد أنفقت كل مدخراتي لكي استطيع الذهاب إلى الحفل ؛ مدخراتي لم تمكني من الجلوس في المقاعد الأمامية ؛ لقد استطعت ان أجلس في أخر المدرجات ؛ وقد كان جالس بقربي شاب آخر ؛ كنت اعرف ذالك الشاب ؛ انه من احياء بغداد ايضا ؛ وهوا يسكن بالقرب منا ؛ وقد كان يجلب معه قليل من النبيذ ؛ لقد كان الفتا من الديانة المسيحية ؛ واتذكر جدا لحظة دخول الشحرورة الى الحفل ؛ لقد اصاب الجماهير صهب كبير؛ وبدأو يهتفون بأسمها أيضا ؛ وعندما كنت اسمعها تغني وانا في قمة أستمتاعي ؛ بدأ الشاب في مداعبتي ؛ لقد كنت متوتر جدا ؛ لم أكن اريد ان يعرف بميولي المثليية ؛ ولكن لم اكن اريد التفريط به ؛ كنت سعيد جدا اني قابلت احدا يمتلك مثلَ ميولي؛ لقد طالت الحفلة ولم تنتهي حتى ال١٢ في منتصف الليل ؛ وقد تأخر الوقت جدا ؛ كنت خائف من توبيخ أبي ؛ وكان ذالك الشاب جالس بقربي وفاقد للوعي ؛ لم يكن باستطاعتي تركه لوحده ؛ فقد استحبطه إلى منزله ؛ وبعدها عدت الى منزلي ؛ لقد وبخني أبي وضربني على تأخري في العودة الى المنزل ؛ ولكن لم اشعر بذالك الألم ؛ كان جل تفكيري في ذالك الشاب ؛ كنت أريد العودة للتحدث معه مرة آخرى ؛ كانت لدي الكثير من الأسئلة لطرحها عليه ؛ وفي اليوم الثاني في المساء ؛ انهيت عملي مع والدي ؛ وذهبت لزيارة ذالك الشاب بحجة للاطمئنان عليه ؛ عندما كنا جالسين سويا أخبرته عن تحرشه بي ؛ وأعتذر مني على فعله ؛ وقال اعذرني لم اكن في كامل وعيي حينها ؛ ابتسمت له وقلت لا عليك انا جئت لهذا السبب اليك ؛ بدأت بطرح الأسئلة عليه ؛ وكان يجاوبني على كل أسئلتي ؛ اخبرني عن هذا العالم ؛ وعن اصدقائه الذين من يشبهوننا في الميول .
طبعا مرت أيام وأصبحنا اصدقاء مقربين ؛ كنا نلتقي كل يوم بعد نهاية عملي ؛ نتجول في الأحياء ليلاً ؛ ونذهب الى الساحات ؛ وفي أحد الأيام أخبرني ان عمه مريض في دمشق ؛ وأهله يريدون السفر للاطمئنان عليه ؛ وهوا سيبقى في المنزل لوحده ؛ ويريدنا ان أبات الليلة عنده ؛ ولكن كنت خائف من رفض ابي لهذا؛ واخبرته يجب أن استئذان والدي ؛ رد مبتسما دعني اذهب معك ؛ انا متأكد من أنه لم يمانع في ذالك ؛ فهوا يعرفني جيدا ؛ وانت اخبرتني من انه يجبني ويمتدحني دائماً .
ذهب معي واقنع والدي في المبيت عنده ؛ لم يتطلب الأمر منه ذالك العناء ؛ لقد كان شاب لطيف جدا وحسن الخلق والكلام ؛ في تلك الليلة كنا نتحدث كثيرا ونضحك كنا سعيدين جدا ؛ أتذكر جيدا عندما سألني اذا كنت قد أجريت علاقات جسدية مع أحد من قبل ؛ ابتسمت وقلت له : كلا لم أفعل ؛
فقال لي : ألا ترغب في ذالك ؛
ابتسمت وقلت له أجل؛ انا ارغب في ذالك كثيرا ؛ ولكن لم أجد احد لفعل ذالك معه ؛ ابتسم وقال لي ؛ ما رأيك ان نفعل ذالك اليوم ؛ ونستغل غياب اهلي ؛ ونستمتع في لحظاتنا سوياً ؛ وانا لم استطيع المقاومة .
لقد كانت تجربة رائعة ؛ وكانت المرة الأولى لي ؛ وكان هوا مستمتع جدا ؛ بعد انتهائها قال لي ما رأيك بتكرار الأمر مرة آخرى ؛ وانا وافقت على هذا ؛ فهوا شاب جميل وانا أحبه جدا .
مضت سنين على علاقتنا ؛ كنا نستغل غياب أهالينا للتعبير عن مشاعرنا ؛ كنا نتجول في الساحات والشوارع ؛ نسرق القبل السريعة بين الأزقة ؛ لقد كانت قصة حبنا جميلة ؛ لم يكن هناك شيئ يسمى بالخيانة ؛ كنا نحب بعض كثيرا ؛ ولكن سرعان ما انتهت قصتنا .
لقد كانت خدمة العلم إلزامية ؛ وقد طلب للجيش ؛ كنت أمضي أيام بائسة حزينة في غيابه وبعده عني ؛ كنت أريد دائما الذهاب للجيش حتى اكون بقربه ؛ ولكن دائما كانو يرفضون ؛ كنت الشاب الوحيد لدى اهلي .
اتذكر عندما جاء لكي يودعني قبل ذهابه الى سوريا ؛ لقد كان لقائنا الأخير ؛ الإحتلال الصهيوني دخل الى فلسطين وسوريا ولبنان ومصر ؛ وقد شارك الجيش العراقي في تلك الحرب ؛ وكان هوا من بين الذاهبين .
بعد شهر جاء نبئ مقتله في الحرب ؛ وسرعان ما جلبو لنا جثمانه ؛ كانت تلك اللحظات موجعة كثيرا ؛ دموعي لساخنة لم تكن تفارق عيناي ؛ لم تعد الشوارع لي سوا ذكريات حزينة ؛ لقد كرهت البقاء في بغداد ؛ جميع الأماكن تذكرني بمحبوبي ؛ وقررت عندها ان أهاجر من بغداد ؛ وقلت لأهلي اني اريد السفر لكي اعمل ومساعدتهم في المصاريف ؛ وقبل ذهابي من بغداد قمت بزيارت قبره ؛ وقد قطعت على نفسي عهد ؛ كلما أحسست انه يشتاق لي آتي لزيارته وامضي يوم كامل بقربه ؛ كانت كل زيارتي لأهلي بسببه ؛ وحتى عندما تزوجت لم أستطع نسيانه ...........❤
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق